مواطنٌ هارب
دائماً ما تصورت أسباباً تدفع المرء أن
يهاجر بعائلته خارج البلاد، لكنني لم أجرّب حقاً أن أكون كذلك ولا أتمنى أن أكون.
لكن لماذا لا يمكن للبلد والوطن ومسقط
الرأس والمكان الذي ترعرعت فيه أو لم تترعرع، المكان الذي تحمل ترابه بين جنباتك
وهواءه في رئتيك.. أن يكون ملجأً ومأوى؟
ما هو الوطن؟ الوطن هو مكان إقامة الإنسان
ومقرّه، وإليه انتماؤه، وُلد به أو لم يولد. (1)
هذا أول ما يتبادر إلى ذهنك عندما اسألك
عن الوطن، ولكن هل المعنى المكتوب أمامك يصف المعنى الحقيقي للوطن؟ حيث المأوى
والمثوى والمجثم والمسكن والمستقر..
اليوم أنا أرى البلاد لا يملؤها المواطنون
فحسب، بل ازداد عدد المهاجرين على المواطنين. هذا ما أراه وإن أردت إثباتاً علمياً
فلك ذلك! ستجد الرابط مرفقاً في أعلى الصفحة لمعدلات اللجوء حسب ما أصدرته مفوضية
الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين..
ولكن بغض النظر عن كل تلك الألاعيب دوماً
ما آلمني شيءٌ ما في داخلي متسائلاً لماذا لم يكن الوطن يوماً كافياً؟ لماذا يهرب
المواطنون رغم أننا نعيد تسمية هربهم بـ"الهجرة"، المهاجر يهاجر طوعاً
لأي سببٍ كان، إلا إذا كان السبب هو أن الوطن لم يعد كافياً له وليس مرحّباً به
بين أحضانه ولا كنفه الذي لم يكن متواجداً يوماً من أجل المواطن الهارب.
لماذا يا سياسة ولماذا يا سياسيون؟ ألم
يعز عليكم الوطن ولو للحظة لتدافعوا عنه بما أوتيتم؟ لماذا تتشرد العائلات وتُهدم
البيوت؟ ولا ألوم السياسيين والحكام فقط.. لأنهم متجردون من الإنسانية في حضرة
المال ولن يسمعوا أبداً لرأي مواطنٍ كمن خانوا..
ولكن جزءٌ من هذه اللعبة هي منظمة حقوق
الإنسان التي لم تكن مسؤولةً عن المهاجرين ولم تدعمهم إلا أمام الصحافة، ولا أقول
ذلك بهتاناً لإثبات صحة ما أقول.. ولكنني بحثت كثيراً راجيةً أن أجد شيئاً قدمته
هذه المنظمة لصالح المهاجرين ولم أجد سوى قوانين تُسنها وتمنعها، وكأن المواطن هرب
من قانون ليستقبلهُ آخر!
وما ذنب المرء إلا أن يكون وفيّاً لأرضه للحد
الذي يخونه فيه الوطن متجاهلاً كل صرخاته..
تعليقات
إرسال تعليق