الخرافة النباتيّة


دوماً ما أردت أن أكون مخلصةً لبيئتي وألا أكون من أولئك الأنانيين الذين يعيشون حياتهم بلا قوانين بيئية..
ولكن قبل سنة بالضبط سمعت عن "النظام الغذائي النباتي" وفكرت لمَ لا؟ سأتبعه، وبلا تفكير ظللت لشهور أتبع هذا النظام وأصدقكم القول أن هذا ساعدني كثيراً في السيطرة على جهازي الهضمي وصحتي أصبحت أفضل والكثير والكثير... ولكنني كنت أتبعه ظناً مني أنني أحافظ على البيئة ولا أعرض الحيوانات الضعيفة للقتل، كما أنني بهذه الطريقة أوفر الكثير من الموارد لباقي البشر، وكنت أعاني أيضاً من شرهي الزائد اتجاه اللحوم وحبي الشديد لها حتى أنني انزعجت من تعلّقي وشراهتي فاتخذت النظام النباتي كنوعٍ من التحدي الذاتي..
وهكذا ظللت لشهور لا أتناول اللحوم ولا حتى الألبان ومشتقاتها ولا أياً مما يحوي مواداً حيوانية.. والكثير كنت أمارسه كنوع من التعصب ضد البشر الشرهين الأنانيين الذين لا يهتمون للطبيعة.
حتى قرأت كتاب الخرافة النباتية للكاتبة ليير كيث، هذه الكاتبة كانت تتغذى لمدة 20 سنة على الغذاء النباتي فقط لا غير قبل أن تستوعب أن كل ما تفعله لا يجدي نفعاً وبعدما تصححت عدة مفاهيم في عقلها، وهكذا أنا! لكنني ظللت لشهورٍ معدودة أعامل نفسي المسكينة بصرامة وأمنعها من كل ما كانت تستلذ به من لحوم، شرحت في كتابها كل ما جعلني آكل اللحم في اليوم الآخر من إنهائه ما جعلني أستلذ به بلا أي تأنيب ضمير، لأنني بحق وجدت قناعتي المفقودة التي كنت أصدق بأنها صحيحة وموجودة ولكن كل هذا هراء! في علم الأحياء يوجد ما يسمى بـ"السلسة الغذائية"بما معنى أن: تنتقل الطاقة الغذائية من كائن حي لآخر عبر سلسلة من الأحداث تسمى السلسلة الغذائية ، تستطيع النباتات تجميع الطاقة الشمسية وتستخدمها كوقود لنموّها فيما يعبّر عنه بالتركيب الضوئي ، ولأنها تستطيع إمداد الوقود بنفسها لتنمو فإنها منتجة ، وفي المروج والحقول فإن الأعشاب هي المنتجة، وفي الغابات الأشجار هي النباتات المنتجة الرئيسية ، الطحالب تقوم بعملية التركيب الضوئي ولذا فهي أيضاً منتجة. لا تستطيع الكثير من الكائنات الحية إنتاج غذائها بنفسها لذا فإنها تأكل النباتات والحيوانات والكائنات الحية الأخرى. وتلك الكائنات التي تأكل كائنات حية أخرى تسمى بالمستهلكة، والسلسلة الغذائية قد تحتوي على أكثر من مستهلك واحد، على سبيل المثال، في سلسلة غذائية يأكل الأرنب فيها الأعشاب وتأكل البومة الأرنب، فإن كلاً من الأرانب والبومة مستهلكين ويعتبر الأرنب مستهلك 1 أما البومة فهي مستهلك 2. (1)
حسناً، لن أحوّل التدوينة إلى حصة أحياء! 
باختصار: النباتي لا يتغذى على الحيوان بل يتغذى على النبات والنبات كائن حي من الكائنات! ويلتزم بعض النباتيين بقوانين منها: أنهم لا يأكلون ما قد يكون له رأس وأعين..إلخ
ولكن من الظلم البيئي أن تعتقد بهذا! ما ذنب النباتات إذا لم يكن لها رأس وأعين أو ملامح! وما ذنب الدودة إذا كانت تُدهس وهي تزحف لمجرد أنها لا تُرى؟ أنت بدورك كإنسان تستهلك الكثير من النباتات لتتنافس به مع الحيوانات التي لا تتغذى إلا على النبات! وإن لم تأكل الخروف سيأكله الذئب وهذا هو الحال كما في السلسلة الغذائية مع كل الحيوانات، سيأتي يوم لتفترس بعضها البعض إن لم تفترسها بنفسك فهذه طبيعتها.
فإن استهلكت النبات فأنت حرمت الحيوان النباتي من غذائه وإن أكلت من اللحوم فأنت تحرم الحيوان المفترس من غذائه أيضاً، كما أن الاستبداد البشري للنبات الذي بلا ملامح طال لقرون، فأنت كإنسان تدمّر الغابات من جذورها بالقطع والحرق وهو أسلوب زراعي يتضمن قطع وحرق النباتات في الغابات أو الأراضي الخشبية لصنع الأراضي الزراعية. (1)
بالتالي أنت تعدم بنيتها التحتية وتربتها القابلة للزراعة لتصبح غير قابلةٍ لأي شيء.
إذا ما الحل؟ الحل أن تمارس طبيعة الحياة البشرية الإيديلوجية بأن تستهلك ما تسد به جوعك بلا أن تشعر بالذنب لما تأكله، فإن أردت ألا تعدم البيئة عليك بقتل نفسك لأن الإنسان كنقبلة نووية رُميت على الأرض لتهلكها وتستهلك كل ما فيها من خيرات.
لكن هل تفضل قتل نفسك على أن تأكل لحماً شهياً؟
(1): موسوعة ويكيبيديا الحرة




تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة