العالم ليس مصنعاً لتحقيق الأمنيات



نعم، بالضبط هذه هي الحقيقة! العالم ليس مصنعاً لتحقيق الأمنيات، لا بد وأن يناضل المرء سعياً وراء مبتغاه، لا أحد يولد بمميزات ترفعه عن غيره، ماهية الخلق والتكوين والوجود هي نفسها لكلٍ منا. لا أحد يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ولا أحد يولد بصفات معينة، المجتمع هو ما ينمي هذه الصفات ويجعل منها ظاهرة وجلية بالشخص نفسه.
فمثلاً لنفترض أن طفلين ولدا للتو في نفس الساعة والدقيقة وربما الثانية، أحدهما ولد لعائلة والآخر لعائلة، الطفل الغني ليس ذكياً بقدر ما وفرت له عائلته الأمن والأمان والتعليم المكثف وشجعت نجاحاته، والآخر كانت عائلته غير مقتدرة مادياً على توفير التعليم له وربما أحياناً يجعلون له حرفة يتقنها ولا شيء غيرها فتصاحبه طوال حياته ليكتسب منها ما يروي ضمأه ويسكت أنين معدته، كالمهن التي يمارسها بعض الناس البسطاء: الزراعة والحراثة والرعي..إلخ وهي لا تعود عليهم سوى بزاد يومهم.
تجدنا نتساءل اليوم عن سبب وجود الفقراء في هذا العالم، حسب ما يقول البشر نحن في القرن الحادي والعشرون وما زال هناك من يعاني من الفقر المدقع الذي يطرح بضحيته أرضاً ولا يخلّصها من نفسه، كالشيطان تماماً. فالفقراء يولدون فقراء ويعيشون فقراء وغالباً ما يموتون فقراء! وهذا ما يربون أبناءهم عليه ويتوارثونه كعائلة "البساطة والاكتفاء بالقليل"..
قلة قليلة مَن يكسرون القاعدة ويخرجون مِن كهف الفقر إلى نور الغنى. مع ان الغنى الحقيقي هو غنى الروح والضمأ الحقيقي ضمأها، إذا ما غُذيت الروح أصبح المرء غنياً بروحه ولا يهمه وضعه ما دام عبداً صالحاً قنوعاً. وهذا هو الحال مع كل فقيرٍ في الدنيا هو أغنى البشر في الآخرة وربما أن القناعة أحد أكبر الأسباب لفقره الدنيوي، ففي عصرٍ كهذا أهم ما فيه هي الملذات والشهوات والفتن "التي هي علامة من علامات الساعة، بالمناسبة" تجد من الصعب أن يتمسّك المرء بما لديه من قيم وسهلٌ أن ينجرف وراء كل فتنةٍ في دينه ودنياه، فأقدار الدنيا بطبيعتها تارةً تهوي بك في أقصى أرض وتارةً ترفعك لأعلى سماء ولطالما أنت قنوع لن تجد ما يحزنك بل ستسعد من نتيجة صبرك وتصميمك على إنجاز هدفٍ أنت مُتّخذه، لا تستسلم ولا تتكبر على العمل وتعتقد أن كل شيء سيأتيك ليقف عندك لأن حتى ولو جاءك بلا جهد فهو لا يعتبر هدفاً.
فمن شروط الهدف:

  •    أن يكون الهدف واضحاً وليس فيه أي غموض.
  •    أن يكون الهدف الذي يسعى لتحقيقه منطقياً.
  •    أن يكون الهدف محدداً بوقت معين، فالوقت من أهمّ الأمور التي تتلازم دائماً مع الهدف، بحيث أن الهدف لا يمكن تحقيقه دون أن يكون ضمن وقت معين، فأعظم هدف في هذا العالم وهو الغاية التي نسعى جميعنا لتحقيقها ألا وهو دخول الجنة وتحقيقه مقترناً بوقت وجودنا في هذه الحياة.
  •    أن يكون الهدف محدداً بحجم معين حسب استطاعة الشخص.
لا يجب أن يكون الهدف مُتناسباً مع ظروف الشخص أو محيطه،  فلمَ إذاً هو هدف؟ يسعى صاحبه له ولو اضطره ذلك للتخلي عن كل ما يملك.. إلا المبدأ! وحده الشخص الذي يتجرد مِن مبدؤه مَن يصل إلى هدفه بسهولة، ولكن هل سيقدر على تحقيق كل أهدافه بالطريقة نفسها؟ الجواب هو لا.
إذا ما تخلى المرء عن كرامته ومبادؤه سيتخلون عنه الناس وربما ربه سبحانه وتعالى، فبالطرق المشروعة يتحقق الهدف مهما تطلب ذلك سعياً ونضالاً وجهداً وبذلاً.



تعليقات

المشاركات الشائعة